المدرسة العليا للأساتذة فاس شعبة الدراسات الإسلامية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المدرسة العليا للأساتذة فاس شعبة الدراسات الإسلامية

منتدى لتبادل المعلومات والخبرات بين طلبة شعبة الدراسات الإسلامية في المدرسة العليا للأساتذة


2 مشترك

    جابر عثرات الكرام

    avatar
    redouane


    عدد المساهمات : 40
    تاريخ التسجيل : 18/01/2011

    جابر عثرات الكرام Empty جابر عثرات الكرام

    مُساهمة  redouane الخميس مارس 17, 2011 6:26 am

    كان في زمن سليمان بن عبدالملك رجل من بني أسد يقال له : خزيمة بن بشر ، مشهور بالمروءة والكرم والمواساة ، وكانت نعمته وافرة ، فلم يزل على تلك الحال حتى افتقر ، فأحتاج إلى إخوانه الذين كان يواسيهم ويتفضل عليهم ، فواسوه حيناً ثم ملّوه ، فلما لاح له تغيرهم ، قال لامرأته : يابنة عم ، قد رأيت من إخواني تغيراً ، وقد عزمت على لزوم بيتي إلى أن يأتيني الموت ، ثم اغلق بابه عليه، واقام يتقوّت بما عنده حتى نفد ، وبقي حائراً في حاله .

    وكان عكرمة الفياض والياً على الجزيرة ، فبينما هو في مجلسه وعنده جماعة من أهل البلد ، إذ جرى ذكر خزيمة
    فقال عكرمة : ما حاله ؟
    فقالوا : صار في أسوأ الأحوال ، وقد اغلق بابه ، ولزم بيته .
    فقال عكرمة : فما وجد خزيمة بن بشر مواسياً ولا مكافئا !
    قالوا : لا .
    فأمسك عن ذلك ، فلما كان الليل عمد إلى أربعة آلاف دينار ، ووضعها في كيس واحد ، وخرج متنكراً سراً حتى وقف بباب خزيمة وطرقه ، فخرج خزيمة ، فقال له : أصلح بهذا شأنك ، فتناوله فوجده ثقيلاً ، فقبض خزيمة على لجام الدابة ، وقال : من أنت ، جعلت فداءك ؟
    قال له : ما جيئتك في هذا الوقت وأنا أريد أن تعرفني .
    قال خزيمة : فما اقبله أو تخبرني من أنت ؟
    قال : أنا جابر عثرات الكرام ، ثم انصرف .

    فدخل خزيمة داره وهو يتحسس الكيس والدراهم غير مصدق . ورجع عكرمة إلى منزله ، فوجد امرأته قد افتقدته وارتابت ، ولطمت خدها ، فلما رآها على تلك الحال قال لها : ما دهاك يا ابنة عم ؟
    قالت : سوء فعلتك بأبنة عمك ، أمير الجزيرة لا يخرج في هدأة من الليل سراً دون غلمانه إلا إلى زوجة أو سرية !
    قال : لقد علم الله ما خرجت لواحدة منها
    قالت : فخبرني فيم خرجت ؟
    قال : يا هذه لم اخرج في هذا الوقت إلا وأنا لا أريد ألا يعلم بي أحد ،
    قالت : لا بد أن تعلمني
    قال : فاكتميه إذاً
    قالت : سأفعل
    فأخبرها بالقصة على وجهها
    فقالت : قد سكن قلبي .

    ثم أن خزيمة اصبح ، فصالح غرمائه واصلح من حاله ، ثم تجهز قاصدا سليمان بن عبدالملك ، فلما حضره ، أستأذن عليه ، فأذن له سليمان لما يعلم من مروءته ، فأخذ سليمان يسأله عن حاله وسبب إبطاءه عنه ، فأخبره خزيمة بقصة زائر الليل
    فقال سليمان : هل عرفته ؟
    قال : لا والله لأنه كان متنكراً ، وما سمعت منه إلا جابر عثرات الكرام
    فتلهف سليمان على معرفته وقال : لو عرفناه لأعنّاه على مروءته
    ثم قال : على بقناة ، وعقد لخزيمة ولاية الجزيرة وعلى عمل عكرمة الفياض ، واجزل عطاياه ، وأمره بالتوجه إلى الجزيرة .

    فخرج خزيمة إليها ، فلما قرب منها خرج عكرمة وأهل البلدة للقائه ، وسارا جميعاً إلى أن دخلا البلد ، فنزل خزيمة دار الإمارة ، وأمر أن يؤخذ عكرمة ويحاسب ، فحوسب ، ففضل عليه مال كثير ، فطلبه خزيمة بالمال
    قال عكرمة : مالي إلى شيء منه من سبيل
    فأمر بحبسه ، ثم بعث يطالبه
    فأرسل إليه : إني لست ممن يصون ماله بعرضه ، فأصنع ما شئت ، فأمر به فكبِّل بالحديد ، وضيّق عليه ، فأقام على ذلك شهراً ، فأضناه ثقل الحديد وأضر به .

    وبلغ ذلك ابنة عمه ، فدعت جارية لها ذات عقل ، وقالت : امض الساعة إلى باب هذا الأمير ، فقولي عندي نصيحة ، ولا أقولها إلا للأمير نفسه ، فإذا دخلت عليه سليه في الخلوة : ما كان هذا جزاء جابر عثرات الكرام منك في مكافأتك له بالضيق والحبس والحديد ! ففعلت الجارية ذلك
    فلما سمع خزيمة قولها قال : واسوأتاه ! جابر عثرات الكرام غريمي !
    قالت : نعم ، فأمر من وقته بدابته فأسرجت ، وركب إلى وجوه أهل البلد ، فجمعهم وسار بهم إلى باب الحبس ففتح ، ودخل فرأى عكرمة الفياض في قاع الحبس متغيراً ، قد أضناه الضّر . فلما نظر عكرمة إلى خزيمة وإلى الناس احشمه ذلك ، فنكس رأسه . فأقبل خزيمة حتى انكب على رأسه فقبّله ، فرفع رأسه إليه وقال : ما أعقب هذا منك ؟
    قال : كريم فعالك وسوء مكافأتي .
    قال : يغفر الله لنا ولك ، ثم أمر بفك قيوده ، وان توضع في رجليه ، فقال عكرمة : تريد ماذا ؟
    قال : أريد أن ينالني من الضّر مثل ما نالك .
    فقال : اقسم عليك بالله ألا تفعل .
    فخرجا جميعاً إلى أن وصلا إلى دار خزيمة ، فودعه عكرمة ، وأراد الانصراف ، فلم يمكنه من ذلك ، وقال : وما تريد ؟
    قال : أغير من حالك ما أراه ، ثم أمر بالحمام فأخلي ودخلا جميعاً ، ثم قام خزيمة فتولى خدمته بنفسه ، وسأله أن يسير معه إلى أمير المؤمنين ، فأنعم له بذلك .

    فسارا جميعا حتى قدما على سليمان بن عبدالملك ، فراعه قدوم خزيمة بدون أمره مع قرب العهد به ، فأذن لخزيمة ، فلما دخل عليه قال له قبل أن يسلم : ما وراءك يا خزيمة ؟
    قال : خير يا أمير المؤمنين ، ظفرت بجابر عثرات الكرام ، فأحببت أن أسرك لما اعلم من شوقك إلى رؤيته
    قال : ومن هو ؟
    قال : عكرمة الفياض
    فأذن له بالدخول ، فدخل وسلم عليه وأدناه من مجلسه
    وقال : يا عكرمة ، كان خيرك له وبالاً عليك ، ثم قضى حوائجه وأمر له بعشرة آلاف دينار ، ودعا بقناة وعقد له على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان ، وقال له : أمر خزيمة بيدك ، أن شئت أبقيته وأن شئت عزلته
    قال : بل أرده إلى عمله يا أمير المؤمنين
    ثم انصرفا جميعاً ، ولم يزالا عاملين لسليمان مدة خلافته (1).


    -----------------------
    (1) ثمرات الأوراق - لأبن حجة الحموي
    avatar
    badr
    Admin


    عدد المساهمات : 51
    تاريخ التسجيل : 14/01/2011

    جابر عثرات الكرام Empty رد: جابر عثرات الكرام

    مُساهمة  badr الخميس مارس 17, 2011 1:11 pm

    كيف كانوا ولاتهم وكيف ساروا ولاتنا نسأل الله السلامة قصة جميلة

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 9:58 pm